تعلم اللغة الإنجليزية والغزو الثقافي.

تعلم اللغة الإنجليزية والغزو الثقافي.

بقلم – خالد المرسي.

بسم الله الرحمن الرحيم.

حاليا أحضر دورة لتعلم اللغة الإنجليزية بمنهج مُعد بواسطة المدرسة الأمريكية، ومما كان في المنهج أن كثيرًا من الأسر الأمريكية تقتني أكثر من جهاز تليفزيون واحد، وخلعوا على هذا الوضع قيمة السواء والصحة، فاستوقفت المدرس لأفيده بمعلومة وهي أن هذا وضع سيء لا حسن بشهادة علماء الاجتماع الغربيين، فلحظت على وجه المدرس علامات الضيق، ففكرت في كتابة هذا المقال كنصيحة لأبناء أمتي والمثقفين لا أكثر.

أجمعت الفلاسفة والمفكرين على أن الوطنية ونشر روح التعاون والتآلف والتحاب من القيم الأخلاقية الفاضلة الأساسية لقيام أي نهضة حتى إن بعض الأمم تكذب وتدعي مزايا تاريخية لتمجد من تاريخها في أعين مواطنيها ليعتزوا به ولو بالباطل! أو تفعل العكس وتزيف فضائل تاريخها لو كان هذا سيصب في مصلحة الوطنية الحديثة في مجتمعهم كما تفعل المدرسة الأمريكية مع مواطنيها يقول "برتراند راسل Bertrand Russell" :" وطالما المدرسة تستطيع أن تعتمد على المحاسن الأصلية لأمريكا فهي في غير حاجة إلى أن تقرن تعليم الوطنية الأمريكية بتلقين معايير زائفة، لكن المدرسة الأمريكية تضطر إلى أن تغرس في نفوس التلاميذ احتقارًا لصنوف من التفوق الحقيقي حيثما تجد العالم القديم متفوقًا على العالم الجديد... فمن هذه الوجوه تأتي المدارس الأمريكية العامة بضرر، وهو ضرر لا مناص منه لتعليم وطنية أمريكية بحتة"

 فها هم يلجأون إلى الكذب والتزييف رغم أنه لا حاجة لهم به ولكن لتاكيد الوطنية والاعتزاز بأمريكا الحديثة التي تتميز "بخلو نسبي من التقاليد المعطلة الموروثة عن العصور الوسطى "  لم تؤثر في نشاتها كدولة كبرى حديثة.

أما نحن كأمة متدهورة فللأسف نفعل العكس، نزيف أيضا (لجهلنا في أحيان كثيرة، وبعلمنا في أحيان قليلة) ليزداد إعجابنا بالآخرين وينقص اعتزازنا بأمتنا، وهذا هو أثر "الغزو الثقافي" فينا حيث أن الغازي يجعل المغزو يسلك ويفكر بأساليب تصب في مصلحة الغازي حين يظن المغزو "وهما" أنها تصب في صالحه هو وصالح أمته! فكروا في أي نهضة حدثت في القديم أو الحديث ستجدونها لم تقم إلا على روح الاعتزاز والثقة بالنفس والثقة بالامكانيات الكامنة في ماضي المجتمع وحاضره ولو بالكذب! وهل تحققت النهضات الحديثة بغير ذلك كالنهضة الآسيوية واليابانية؟ وأود الان التطرق إلى مسألة وهي هل نستطيع تعلم اللغة الإنجليزية بدون تعلم الثقافة الإنجليزية؟

 نعم نستطيع يقول "باري سسنان Barry Sesnan " :

"اللغة الثانية والثقافة:

 بادئ ذي بدء يتبادر إلى الذهن سؤال وثيق عن الارتباط بين اللغة والثقافة في كثير من الحالات. إذا كنت تعلم شخصًا ما لغة، فإنك تعلمه أيضًا قدرًا كثيرا من الثقافة التي تعتبر هذه اللغة جزءًا منها غير أن هذا قد لا يصدق على الإنجليزية.

 دعنا ننظر في هذا السؤال الذي طرحه المعلمون في مؤتمر عقد في مصر، إذا كنا ندرس الإنجليزية للتلاميذ فهل يجب أن نعلمهم أيضا أن يكونوا إنجليز (بريطانيي)؟

 تختلف اللغة الانجليزية عن كثير من اللغات الأخرى حيث إنها ليست لغة الإنجليز الذين يعيشون في بريطانيا، فحسب، ولكنها لغة دولية، في الواقع لا يشكل الإنجليز العدد الأكبر من المتحدثين بالانجليزية كلغة أم، بل الأمريكان يمثلون العدد الأكبر.

والحقيقة أنه ليس من المعتاد تدريس الثقافة الانجليزية  ذلك إذا افترضنا وجود ثقافة إنجليزية واحدة يمكن تدريسها، فأنت تدرس الإنجليزية لتلبي احتياجات وأهداف تلاميذك. ومنها استخدامهم للغة الإنجليزية في بلدهم أو لاستخدامها في المناسبات الدولية مثل مقابلة السائحين الأجانب أو القيام بأعمال تجارية سواء في الداخل أو عبر البحار (الخارج)"

فاعتزوا بأمتكم وليكن صدركم رحبًا واسعًا لتلقي أي نصائح وإرشادات فيما عساه يداخلنا من زيف وخداع بسب الغزو الثقافي الذي ابتلينا به في عصرنا الحديث، نحن اليوم أذل أمة في الأرض، نذوق الأمرّين من القوى العالمية الناهضة، أفلا يكون ذلك الإذلال حاضًا لنا على التحرر من ربقته وعلى سعة الصدر للتعلم وتصحيح المفاهيم، وإن كان مرًا؟!

والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع ساسة بوست

المشاركات الشائعة