(1)نقاش مع الدكتور عزمي خليفة حول هل الدين علم؟ وعلاقته بالعلوم اٌلإنسانية، وأن الدين عند الله هو الإسلام.



(1)نقاش مع الدكتور عزمي خليفة حول هل الدين علم؟ وعلاقته بالعلوم اٌلإنسانية، وأن الدين عند الله هو الإسلام.
قد سبق لي نقاش مع الدكتور الفاضل واسع الصدر، الذي يجل العلم حتى أنه لا يستنكف من نقاش مثلي وانا لا مقارنة بيني وبينه في السن والفضل والعلم، في هذا الرابط
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/07/blog-post_2.html
ثم هذا نقاش ثاني ولا يزال جاريًا وهذا ما دار إلى الآن.
كتب الدكتور عزمي في صفحته الآتي:" علي فكرة الازهر وجامعته لا يخرجان علماء ولكنهما يخرجان رجال دين ليس في الدين علماء ولكن رجال دين والفارق بينهما شاسع واستخدام رجال الدين لمفهوم العلماء يتم لأسباب تضليلية قبل اي هجوم انا مسلم ومؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الاخر واؤدي جميع الفروض بما فيها الحج ولا اؤمن باي عصمة لأي انسان ايا من كان بعد الرسول الكريم وأؤمن لأقصي مدي بالاجتهاد ومنهجي ان الحديث النبوي اذا اتفق مع القران أخذت به واذا اختلف مع القران اتركه وهو منهج أقره الرسول الكريم
اذا كان هذا الفهم للدين صحيحا فهذا جيد وان كان غير صحيحا فاتركوني لمن خلقني فهو ارحم الراحمين ولم يوكل احدا للإفتاء نيابة عنه"
فعلقت خالد المرسي: مع كامل إجلالي لفضيلتك. لكن لي ملاحظات 1- الدين فيه علماء، لأن الدين لم ينزل من السماء إلا لتقرير العلم ومحو الفوضى! أي تقرير النظام الشرعي ومحو الفوضى أو محو النظام غير الشرعي، وهذا هو ذاته منطق العلم (نظام في الاستدلال والبراهين لا فوضى) 2- لا يصح أن أقول إن فهمي للدين لو كان غير صحيح فاتركوني لربي! ولكن نقول فلينصحني من عنده علم، لأن الله أمرنا بمعرفة الحق وسع طاقتنا والبحث عنه بكل ما أمكننا ومقولة "اتركوني لمن خلقني" تنافي البحث الذي كلفنا الله به. 3- العبادات التي فضيلتك تلتزم بها ليست هي مقصود الإسلام إلا لو كانت نابعة عن فكر شرعي وإيمان بعللها وحكمتها وكونها مظهر الدينونة لله والدينونة لله هي جوهر أصلا وما العبادات إلا مظهرا لها لا فائدة لتلك العبادات لو كانت مظهرا منفصلا عن جوهره الفكري الباطني الي ارتضاه الله على وفق تقديرات علمية وقوانين بقسطاس مستقيم أنزل الله منهجها في كتابه الذي لو فهمه الدارس لعرف تلك التقديرات والقوانين وتفاصيلها معرفة واضحة، على هذه الأساس صارت هذه العبادات التي فضيلتك ذكرتها مرضية لله، وإذا أدينا تلك العبادات بدون ذلك الأساس لم يكن لها فائدة عند الله إلا مجرد حركات جسمية وسفريات وأوقات تبذَل! ولكن للأسف تم استبدال هذا الأساس التقديري بأساس آخر عبارة عن عاطفة فارغة وخيال جموح!! ولذلك صحابة رسول الله لم يفضلو من بعدهم ويعلو عليهم بتلك العبادات! بل فضلوا على من بعدهم وعلوا بالفكر التقديري الذي عُبر عنه ب "اليقين" في ذلك الأثر المبين لسب فضل خير البشر بعد الأنبياء وهو ابو بكر الصديق "ما فَضَلَ أبو بكر النَّاسَ بكثرة صلاةٍ ولا بكثرة صيامٍ، ولكن بشيءٍ وقر في قلبه" وقال ابن مسعود "اليقينُ الإيمان كله"
وطبعا ليس خلافي لفضيلتك في كون المنسوبين للعلم الشرعي اليوم علماءَ أم لا! لأننا بذلك نكون قد شخصنّا القضية، فأنا لا أدافع عن أشخاص وأجسام الموجودين حاليا، أنا أدافع عن الحق (النموذج المثالي) الذي أتى بها نبينا وصحابته، ولا ولن أدافع عن أشخاص وأجسام أحياء أو أموات إلا بقدر قربهم ونصرتهم لهذا النموذج المثالي فقط
رد الدكتور عزمي: مختلف مع سيادتك في كل ما ذكرتك واشكرك مبدئيا علي أسلوبك :
١/ الاسلام والقران تحديدا ليس كتاب علم ولكنه كتاب دين والاشارات العلمية الوارده فيه من باب الاستدلال لتثبيت اليقين لمن كان ضعيف الايمان
اما محو النظام غير الشرعي فهذا نسميه تنظيم المجتمع
٢/ ليس كل ماجاء به الدين الاسلامي تحديدا يستهدف محو النظام غير الشرعي فقد ابقي علي نظام العبيد مثلا ولكن إشارات معينه وتطور المجتمع الغته
٣/ ان المجتمع يتم تنظيمه وفقا لما جاء في القران من معاملات وهي ٨٠٪‏ من الدين وليس وفقا للشريعة فقط وهذا رحمة من الله
٤/كلام سيادتك عن العبادات وضرورة انطلاقها من فكر شرعي وايمان بعللهاوحكمتها يخالف الايمان في القران وتعريف الايمان واضح لا لَبْس فيه انما سيادتك واضح انك لك نزعه صوفية وهذا شانك وليس شان كل مسلم
٥/ حديثك عن التقديرات العلميه والقوانين التي وراء العبادات اختلف فيه مع سيادتك لان معناه ببساطه وكما ذكرت العبادات غير مفيده للانسان الا بقدر فهمه لهذه القوانين والتقديرات ولا ادري الي اي نص سيادتك اعتمدت لتقرير ذلك كما انني لم اقرأ في كتب التفسير اي إشارة لذلك بل ان طريقة اداء العبادات مثل الصلاة والحج نقلها إلينا الرسول الكريم ونحن سلمنا بصحتها ولو كان الامر كما ذكرت لوجب عليه - حاشي لله- ان يشرح لنا هذه القوانين
٥/ اليقين الذي أشار ايه ابن مسعود هو الايمان كما ذكر في القران
تحياتي
رد خالد: شكرا جزيلا لفضيلتك على هذا الرد الطويل، رغم أنه لا مقارنة بيني وبين فضيلتك في العلم والسن والفضل، وعلى ذلك فتطويل فضيلتك هذا يدل على تواضع جم واحترام جم للطلاب وتقدير وإيمان وتعظيم لقضايا العلم والحق، وهذا يشجعني على الاستمرار، فسأتفاعل مع تعليق فضيلتك بكلام طويل فيه تقرير للنماذج المثالية المتعلقة بهذه المواضيع وهي التي يجب الانطلاق منها والمعاييرة بمسطرتها وسأدلل عليها وفق طاقتي من كتب المصادر.
الرد مرتب على ترقيم حضرتك، وهو رد على أول نقطتين ننهيهما، ثم تأتي البقية أو تاتي أثناء النقاش حولهما.
1-  نعم الإسلام (قرآنا وسنة) ليسا كتاب علم إلا تلك الإشارات فيهما، هذا صحيح تماما لكن في العلوم الطبيعية لا الإنسانية.
 أما في العلوم الإنسانية فمن فصل بين (الدين والعلم) هم مفكرو النهضة الأوروبية المعاصرة ولهم عذرهم في ذلك، لأنهم اكتشفوا (بفضل اكتشافات العلوم الطبيعية والإنسانية الحديثة) اكتشفوا زيف دينهم الرسمي، وهذا الزيف طال أصول الاعتقاد فضلاً عن مفاهيمه الرئيسية، مضافا إلى ذلك هيمنة رجال الدين على رجال الدولة وتحالفهما لتزييف الوعي والثقافة والاستبداد المادي ونحوه، وقد كان رجال الدين هم صناع الفكر ومنتجوه، فلم يعودوا يستحقون تلك المرتبة وهنا تم تهميشهم وتهميش دورهم كصناع فكر وثقافة، وسموهم رجال دين وكتابهم المقدس سموه كتاب دين، بينما نشأ رجال آخرون سُموا رجال علم أو مثقفون، وسُميت كتبهم الكلاسيكية (كتب العلم) وهم رواد علم الاجتماع ومفكرو النهضة، وهذه الثنائية هناك، فضيلتك وكل مفكري العرب تقريبا يستدعونها معتقدين لها! وهذا خطأ لأن "دين الإسلام يختلف عن الأديان الأخرى الموجودة في زمن نزوله إلى الآن، فما وصل إليه الغرب المعاصر من زيف كتابهم المقدس (نقلا وعقلا) سبقهم فيه محمد والقرآن الكريم مملوء بمجادلاته مع علماء أهل الكتاب وتسجيله أن علماءها حرفوها أو سكتوا عن تحريفها، إذن فهذه الثنائية غير موجودة عندنا.
عندنا (الحق واضح ونماذجه المثالية لم يستطيع أحد ولن يستطيع نقضها وهدمها بمطارق البحوث التجريبة أو العقلية أو غيرها)ومن تلك النماذج المثالية الآتي :
يقول الله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (يونس:6) يقول الإمام "ابن عطية" في كتاب " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" في قوله تعالى { يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} :" إنما خصّهم لأن نَفع التفصيل فيهم ظهر وعليهم أضاء، وإن كان التفصيل إنما وقع مجملاً للكل مُعدًا ليحصّله الجميع"

 أليس العلم عبارة عن تخريج فرعيات وتفاصيل على قواعد؟ إذن فهذا الدين هو مجملات كما ذكر ابن عطية، فالقرآن الكريم مجملات والسنة مجملات أصغر منه، فمعنى كونه كتاب علم هو تلك العلاقة بين الكليات والأجزاء في العلم وبتعبير فيلسوف التأويل"غادامير":  "يتعلق الأمر بالعلاقة الدورية بين الكل وأجزائه: الدلالة المفترضة بفضل الكل المستوعَب من طرف أجزائه، ولكن على ضوء الكل تتخذ الأجزاء وظيفتها التوضيحية." وتلك (المجملات/ الكليات) هي معتقدنا مضافًا إليه منهج التعامل معها، لأن هذه المجملات عبارة عن 6236 آية قرآنية، وحوال عشرة آلاف حديث صحيح، فيها مكررات كثيرة وبعضها يخصص عام البعض الآخر أو يقيد مطلقه أو ينسخه أو يفصله ويشرحه، ودلتنا تلك المجملات على أن العقل والتجربة تفعل مثل تلك التصرفات مع تلك المجملات، فالعقل والتجربة قد يخصصا عام النص أو يصرفاه عن ظاهر معناه المتبادر لولا الصرف.. إلى آخر تلك التصرفات المسماة (منهج التعامل وفهم القرآن والسنة) لأن بدون ذلك المنهج سيتم فهم (الدين المجمل) فهما ينقض بعض النصوص ببعض ويضربها فتتآكل وتتصارع وينهدم نظام الدين كله، إذن لدينا (دين مجملات + منهج الفهم) ذلك المنهج هو منهج النبي في تعاطيه مع الوحي ومنهج صحابته في عهده مع اقراراته لهم أو تخطئته لهم ونحو ذلك... ولذلك حكم نبينا على قرون معينة بانها خير القرون" خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" لغلبة وهيمنة أهل ذلك الفهم (كثرة وعددًا ونوعًا) عن القرون التالية، إلى غير ذلك من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تمدح وتترضى على طريقة علماء الصحابة في التعاطي مع الوحي فهما وعملا.
ومعنى أن الإسلام علم، أنه نزل من السماء ليمنح البشر تلك المجملات (الدين ومنهج الفهم) ليُخرِّج أهلُه تفاصيلَ واقعهم المعاش على تلك المجملات وذلك هو منطق العلم كما يقول غادامير في لانص السابق المنقول عنه، وذلك هو ما فعله نبينا وعلماء صحابته قبل عهد التدوين، ثم ظهرت حاجات لتدوين العلوم من جنس الابتعاد عن السليقة العربية واختراق الشبهات الفلسفية والثقافية الواردة مع المسلمين الجدد نتيجة اتساع رقعة الإسلام ونحو ذلك، فارتأى علماء كل زمن منذ عام مئة من الهجرة وكسور، أن يدونوا من علم الدين ما يسد الثغر الحادث، وهنا بدأ أثناء التدوين التقعيد والتدقيق لما كان يفكر فيه نبينا وصحابته، كما حدث مع علم اللغة الغربية وكل علم طبيعي أو غيره، هذا هو ما فعله كل أئمتنا المشهورين بالعلم طيلة التاريخ الاسلامي، لكن بعض المنسوبين للعلم وقفوا على مسائل التحليل والتقعيد وجمدوا عليها ولم يلتفتوا بالقدر الكافي إلى تخريج فروع حياتهم الحادثة على تلك القواعد أو التفتوا بدون منهج الفهم الصحيح فخرج فكرهم خرافيًا أو منحرفا ضالاً، وأشد ما حدث هذا الخلل قد حدث في عصرنا الحديث بعد الحملة الفرنسية، وهو ما حمس فضيلتك إلى هذه الثنائية (الدين والعلم) فهؤلاء العلماء جمدوا على مسائل التحليل والتقعيد ولم يكملوا طريق النظر إلى تخريج تفاصيل واقعهم عليها، وقد أوجب الله على نفسه أن يرسل كل فترة مجددا كما في الحديث الشريف " يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" يكون كل دوره الجوهري هو (تجديد تلك العلاقة الدورية) في شكل تحاليل على دقائق الواقع، وأشد ما انطبق ذلك الوصف (المجدد) في نظري قد انطبق على المشايخ (محمد عبده ورشيد رضا ومحمد دراز وعبد الحميد ابن باديس) ويوجد غيرهم من أئمتنا كثيرون أقاموا تلك العلاقة الدورية في أبحاثهم بشكل رائع، لكن هؤلاء الأربعة تميزهم كان بالإكثار وشدة الدقة وكأنهم نذروا على أنفسهم التخصص في (تلك العلاقة) حتى تمكنوا من عرض الدين أقرب ما يكون إلى عهد النبوة (غضًا طريًا) كأنه نزل في زمنهم فقط بمناسبة تلك الأبحاث التي وقف تفكيرهم عليها، إذن فمنطق العلم قائم  على ثلاثة أسس 1- مجملات أو كليات 2- تفاصيل واقع معاش 3- علاقة دورية بينهما. فالواجب على مفكري العرب بعد أن ثبت عجز علومهم أن يعزموا على اكتشاف  الثقافة الاسلامية تلك، وهذا العزم كان واجبًا أن يتكون في نفوسهم قبل أن يثبت عجز علومهم، لأنه هو ذلك العزم الذي بدأ به أساتذتكم من رواد العلوم الانسانية الغربية، ولما أوصلهم بحثهم إلى تلك (الثنايئة) اعتنقوعا عن بحث، وكان واجبًا أن ينشأ لديكم هذا العزم أولاً كما نشأ لدى أساتذتكم أولا، إذن  فلتعزموا وتتعلموا القرآن والسنة ومنهج التعامل معها، وكثير من ذلك متاح في الجامعات  الإسلامية بفضل الله على تقليدية علماءها، لكنه متاح مع شيء من الغبش يمكن تلافيه مع زيادة العلم إن شاء الله، بالإضافة إلى دراستكم نتاج أئمتنا المعاصرين وبالأخص (الأربعة) الذين أقاموا تلك (العلاقة الدورية) بالموازاة مع مطالعة كتب الأمهات التراثية التي قعدت المسائل وحللتها تلبية لإلحاح (العلاقة الدورية) في زمانهم، فتنفتح لكم في تلك الأمهات خيارات أوسع من النظر لأنها هي الأمهات التي اقتدى بمنهجها مجددونا المعاصرون، بالموازاة مع دراستكم للعلوم الإنسانية الغربية، لو مفكرونا فعلوا ذلك لتبدل العالَم ولانفتحت عوالم لا أقول كانت مجهولة بل غير متوقعة!
والواجب أيضا على علماء الشريعة أن ينتبهوا إلى دورهم الغائب أو الغامض في إقامة (تلك العلاقة الدورية) ليكون بعضنا هاديًا للبعض الآخر فكل منا يجب أن يكمل الآخر وينبهه ويعينه وينصحه ويكون هو عينه اليقظة إذا غفل، وانا أحاول أن أكون كذلك فيما أكتب أسال الله التوفيق.
فهل اتضح سندُ (العزم) الذي أدعوكم إلى الأخذ به؟ وكسند آخر أقول: علماء الاجتماع الغربيون يقضون أوقاتا كثيرة في دراسة ثقافات أخرى ونظم أخرى غير نظمهم بغرض المقارنات بنيها، أفلا يكون الوقت الذي أدعوكم إلى قضائه في اكتشاف تلك (الثقافة الاسلامية) مبررا ومعقولا بهذا السند فضلا عن السند الأخر الأصلي والأساسي؟ إذن فأنا لا أدعوكم دعوة غير معقولة، لا أدعوكم إلى تحويل تخصصكم العلمي من علماء سياسة واجتماع إلى علماء دين.
رقم (2)
2-  نعم أقصد "بالنظام غير الشرعي" تنظيم المجتمع وهو ما تخصص فيه علماء العلوم الانسانية الغربية، (النظام غير الشرعي) هو التفكير المنهجي المنظم العقلي الصادر عن مفكر كافر بنظام الشرع الصحيح (كعلماء الاجتماع الغربيين الذي لا يؤمنون بالإسلام) أو المُعطِّل للشرع (كمفكرينا الذين يعتنقون الثنائية المذمومة سابقة الذكر) وهم مسلمون لا كفار لكنهم معطلين لنظام الشرع، فهذا النظام لا يمحوه التفكير الشرعي كلية لأنه (نظام عقلي) والعقل لا يخطئ في كل أحكامه، وقد سبق الإشارة إلى منزلة (العقل) في نظلم منهج فهم الدين.
 و(إقامة العلاقة الدورية) هي الكفيلة بضمان قراءة نقدية لذلك (النظام غير الشرعي) لا سيما إذا درسنا جسم أو كنه  أي فكرة، سنجدها مركبة إذ (لا صمد واحد غيرَ مركب من أجزاء إلا الله تعالى) ولا يوجد خطأ محض إلا في الفكرة كفكرة موجودة بعد أن تركبت، بينما مقومات مركبها، أو الأجزاء التي بها تقومت وتركبت لا يوجد في أحدها أو بعضها خطأ محض! وهذا لا مجال هنا لبيانه، ولذلك نجد الإسلام أقر كثيرا من أحكام الجاهلية وأخلاقها بل ودينها! بل أقام على ما صح من دين الجاهلية (كإيمان العرب بربوبية الله أو عبادتهم له مع إشراك غيره به) أقام عليها أعظم أدلة كالزامهم بتوحيد الربوبية الذين يؤمنون به على وجوب خضوعهم لتوحيد الألوهية الذي ينكرونه، والآيات القرآنية كثيرة صريحة في ذلك، وأقر نبينا تحالفات الجاهلية وأقر القسامة، وأقر كثيرا من اخلاقها حتى قال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " أما العبودية  فلم يقرها الإسلام مشرعًا لها، بل إقرار المضطر إلى التدريج فيما لا يقدر على منعه مرة واحدة، لأن الإسلام دين واقعي لا مثالي وإلا فإن الله يقدر أن يهدي الناس جميعا في لمح البصر بلا توسط نبوة أو سعي دعاة مهتدين، فأقر نظام الرق للضرورة وأنشأ تشريعات كثيرة تحض على عتق الرقبة كتشريعات كفارات الأيمان وغير ذلك مما في القرآن والسنة.
رد الدكتور عزمي: السيد خالد مرسي
لقد تجاوزت صلاحياتك كبشر بحديثك عن زيف دينهم الرسمي الذي طال أصول الاعتقاد
ومجمل حديتك عن اعتناق الثنائية وتعطيل النظام الشرعي كلام لا يقوم الا علي وجود دين واحد والله في كتابه اعترف بوجود أنبياء اخرين وكتب اخري ولم يطلب مننا تمحيص هذه الكتب
واجب المسلم واضح في القران بعيدا عن فتاويك
اسف لكم دينكم ولي ديني
رد خالد المرسي: قول فضيلتك "لقد تجاوزت صلاحياتك كبشر بحديثك عن زيف دينهم الرسمي الذي طال أصول الاعتقاد"
أقول: هذا الذي قلته هو الذي بممارسته كنت بشرًا مختلفًا عن الحيوان! ذلك هو التفكير العقلي في كل ما نملك من عقائد وأفكار! فكيف يُجعل تجاوزا لصلاحية البشر؟ الإنسان السوي يخضع لضرورة فطرية وهي وجوب تحوله فكريًا من وراثي إلى ذاتي، فإذا بدأ يعي الأمور بنضج عقله وزيادة علمه وجب عليه وجوبًا عقليًا فطريًا قبل أن يكون وجوبًا شرعيًا، أن يراجع ما تلقنه في الأوساط المختلفة (المسجد والكنيسة والمعبد والمدرسة والأسرة والكلية والورشة التي تعلم فيها المهنة ووو...) إذ إن اعتقاد الإنسان لأشياء وتعلمه لها على ذمة الأخرين هو ضرورة بشرية حتى في الفلاسفة كما يقول "ألكسي دي توكفيل" "إن الفلاسفة يعتقدون بملايين الأشياء على ذمة الآخرين"
 ذلك للضرورة البشرية البديهية التي تجعلنا نتعلم ونتلقى ممن نكن لهم الاحترام، ونثق بهم ثقة أساسية لم نختبرها ولم نخترهم إلا أننا وُلدنا فوجدنا أنفسنا وسطهم نحتاج إليهم في الرعاية (بكافة أنواعها)
فالواجب على الإنسان بقطع النظر عن دينه أن إذا نضج عقله أن يراجع كل حياته وأهم ما يستحق المراجعة هو الدين، فإن كان حقًا في أصوله الكبرى الكافية للإطمئنان واليقين سار فيه الإنسان مؤمنا به على بينة قال الله أمرا نبيه أن يقول {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} وقال لله لنبيه ممتنا عليه بتلقينه الحجج العقلية أثناء مجادلاته مع اهل الباطل  {وَلَا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاك بِالْحَقِّ وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } فيسير الإنسان في تفاصيل دينه لو كان حقا، على بينة، ليتعرف على سائر تفاصيله ويستغلها ويستثمرها، وإن كان دينه في أصوله زيف  وضرب تركه وبحث عن الحق {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ}
زيف دين اخواننا اليهود والنصارى حقيقة مجمع عليها في الساحة العلمية! اقرأ مثلا كتاب "الدين والعلم" لبرتراند راسل، في فقراته الوصفية لا التحليلية، واقرأ مقدمة ترجمة الدكتور "حسن حنفي" لكتاب "اللاهوت والسياسة" لاسبينوزا، في فقراته الوصفية لا التحليليلة، وهذا لا ينفي أن في كتبهم المقدسة لا يزال هناك شيء من الحق في الأخلاق أو حتى في عبارات تدل على الحق في الأصول بشكل مجمل أو ناقص بخلاف عبارات أخرى حرفت تلك الأصول راجع هذا المقال كمثال واحد على الطيب في هذه الكتب المقدسة الباقي فيها للآن بعد تحريف كثير منها
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/07/blog-post_26.html
وقول فضيلتك "ومجمل حديتك عن اعتناق الثنائية وتعطيل النظام الشرعي كلام لا يقوم الا علي وجود دين واحد والله في كتابه اعترف بوجود أنبياء اخرين وكتب اخري ولم يطلب مننا تمحيص هذه الكتب"
أما ان القرآن الكريم لم يطلب منا تمحيص الكتب المقدسة فهذا خطأ تماما، بل  القرآن الكريم جعل اولى مقاصد نزوله من السماء هي بيان الحق في هذه الكتب قال الله {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فجعل بيان ما اختلفوا فيه سابقًا ومقدمًا على كونه هدى ورحمة للمؤمنين به! وأطول سور القرآن الكريم كالبقرة والمائدة وآل عمران، مملوءة بالجدال الصريح مع أهل الكتاب، راجع تلك المقالات
و هذا
http://www.al-aqidah.com/art/s/217/%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%A7%D8%A1
ودين الله واحد وهو الإسلام وكل الأنبياء مسلمون أي في الأصول كما مر في رابط مقال (الاتفاق....) وهذا رابط فيه حكاية القرآن الكريم لإسلام كل الأنبياء حتى عيسى عليه السلام ، راجع تلك الآيات القرآنية في هذا الرابط
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=2&View=Page&PageNo=1&PageID=2376&languagename=
أما قول فضيلتك "واجب المسلم واضح في القران بعيدا عن فتاويك
اسف لكم دينكم ولي ديني"
هذه الآية الكريمة التي أوردتها { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} معناها كما قال المفسرون "المناصفة" والملاطفة بعد بيان الحق، والسياسة الرشيدة، وكذلك قالوا في دعاء ابراهيم عليه السلام ربه أن يغفر للكفار من قومه رغم أن المقطوع به أن الله لا يغفر للكفار { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا} وقد دعا إبراهيم وقال كما حكاه عنه القرآن الكريم { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}  وكذلك قال عيسى عليه السلام لربه {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فجوّز المغفرة رغم أنها قطعا غير جائزة على الله كما أخبرنا الله في كتابه قال العلماء في تلك الآيات كما في تفسير ابن عطية: "وقوله: {ومن عصاني} ظاهره بالكفر، بمعادلة قوله: {فمن تبعني فإنه مني}، وإذا كان ذلك كذلك فقوله: {فإنك غفور رحيم} معناه: بتوبتك على الكفرة حتى يؤمنوا، لا أنه أراد أن الله يغفر لكافر، لكنه حمله على هذه العبارة ما كان يأخذ نفسه به من القول الجميل والنطق الحسن وجميل الأدب - صلى الله عليه وسلم - قال قتادة: اسمعوا قول الخليل صلى الله عليه وسلم، والله ما كانوا طعانين ولا لعانين، وكذلك قال نبي الله عيسى
{
وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }"
وكذلك قالوا في ما يُسمى في الفقه ب"القسامة" وهي نوع حلف معروف في الجاهلية، يتحاكم إليه أهل المقتول إذا لم يعرفوا قاتله صراحة، ثبت في صحيح مسلم أن "رسول الله أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها رسول الله بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود"
 فجماهير العلماء يرون أن رسول الله شرع لنا القسامة بعد أن أقرها من احكام الجاهلية، وغير الجمهور يرون ان القسامة غير مشروعة لنا لمخالفتها الأصول المقررة شرعا في "الحلف في المنازعات" وأوّلوا الحديث بأن النبي "لم يحكم بها كشرع لنا ولكنها كانت حكما جاهليا فتلطف بهم النبي ليريهم كيف لا يجري الحكم بها على أصول الإسلام" راجع بيان كلامهم في كتب الفقه، والشاهد هنا أن الجمهور لم يخطئوا ذلك المعنى الذي ذهب اليه من خالفهم، وإن خطئوهم في المذهب ذاته، لأن المعنى الذي جعلوه علة هو ثابت أصلا من نصوص ومواضيع أخرى وإن لم يسلم لهم في تأويلهم لهذا الحديث والموضوع خاصة.

تعليقات

المشاركات الشائعة