نقاش مع شيخنا حاتم العوني حول حبس إسلام البحيري.

خالد: نريد رأيك شيخنا في حبس اسلام البحيري.
الدكتور حاتم العوني: يستحق الحبس إذا ثبت أنه يتعمد التدليس والخداع في طرحه ، ويستحق الحبس إذا تبين عناده واستكباره عن قبول الحق مع معرفته به ، وبستحق الحبس إذا نُهي عن الكلام فيما يجهل من أمور الدين فأصر ، كما يُحبس من تكلم في الطب بجهل فأفسد صحة الناس.
خالد: أعتذر عن التطويل ولكن الموضوع يشغلني جدا. لكن شيخنا الفاضل ألا ترى وجود شبهات تدرأ الإدانة بمثل هذه التهم؟ كشبهات وجود أدعياء السلفية الذين ينشرون علمًا غير صحيح يشوه الدين وفضيلتك أعلم الناس وأشدهم جهادا لمثله؟! بل ونزيد لنوسع المساحة لتشمل علماء الدين النبهاء المستنيرين بالنسبة لمدعي السلفية كالشيخ الذهبي الذي كان وزيرا للأوقاف وقتله الخوارج، في أهم كتاب له في تخصص علوم القرآن (كما يزعم من بعده) نسب للإمام الغزالي والسيوطي وغيرهما من أعمدة الإسلام وحفاظ العقيدة أنهم يقولون بالتفسير العلمي للقرآن والذي يعني كما يقول " التفسير الذي يُحكِّم الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها" علمًا بأن التفسير العلمي الذي وقع في عصرنا الحاضر لم يتناوله سلفُنا أصلاً لأنه لم يوجد في زمانهم، ونسبة القول فيه بهذا الشكل إليهم يدل "ببداهة العقول" أنهم حمقى ومن أتى بعدهم من أئمة الإسلام أحمق لأنه من لم يستحمق الأحمق ظاهر الحمق فهو أحمق، وبتفكير أكثر يُذهَب إلى أن الإسلام ذاته فيه شيء غير منضبط إذ كيف يمكن أن يكون دينا موصوف بصفات الأحقية والعظمة كما يقول علماؤه ثم يكون أعاظم فقهائه حمقى بهذا الشكل؟! هذا هو الامتداد الطبيعي في التفكير لو أعمل الدارس عقله (في بداهته) ولم يكن مُخدرًا كعادة جمهرة الدارسين، هذا مثال واحد، وهو مما يدل على أن أئمة تراثنا جهلاء ومن ثم فجائز جدا بل وطبيعي أن يفهم أحد أنهم مسئولون عن التخلف والعنف الذي ينتشر باسم الإسلام في عصرنا، بالطبع حاشا أئمة تراثنا عن ذلك فهم سادة الدنيا ولكن عند من يعرف حقائق العلم الشرعي ومناهجه الصحيحة ولا أعرف من هؤلاء غير شيوخي الأربعة في التفكير المعاصر وفضيلتك وابن عاشور في التراث، وجمهرة علماء الدين الذي لا يعرف المسلمون في عصرنا غيرهم نتاجهم شوه الدين وأئمته فصار سوء الظن بتراثنا امتداد طبيعي لتعلم الدين منهم، أفلا يكون هذا الامتداد مانعًا من ثبوت التهم الذي ذكرتَها فضيلتك. تنبيه: وجه نقارن به نمط الشيخ الذهبي، وهو أهل التفكير العلمي كرشيد رضا حين تعرض للأثر الباطل عن كعب الأحبار في قوله تعالى { وكتبنا له في الألواح من كل شيء} أنه "ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة التي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة" وأيضا رد تأويل الألوسي لهذا الأثر بأنه "من باب الرمز الذي ندعيه في القرآن" رده الشيخ رشيد بقوله "لم يصح عن أحد من أئمة المسلمين الذين يعتد بعلمهم بكتاب الله تعالى أنه ليس في العالم أو في الأرض شبر إلا وقد كتب فيه (أي القرآن) ما يقع منه وما يخرج منه: وإنما قال مثل هذا بعض المجازفين والخياليين من الصوفية على أنه من الكشف الذي يدعونه" . وبالمقارنة بين الوجهين نرى أن وجود النمط الأول من العلماء وهم جمهرة علمائنا وإكثارهم من بث فهمهم لكتاب الله وللتراث يدل بتفكير بسيط جدا على أن هناك مشاكل في الإسلام ذاته وبيقين أن هناك مشاكل في أئمة القدامى تجعلهم غير مؤهلين للقدوة العلمية، لكن أهل التفكير العلمي لا يخرجون كلاما في الدين ولا فهما إلا وهم يعلمون أثره وموضعه أعقل هو أم سفه وحمق!. ثم لماذا يُحبس ويُترك غيره كحسن حنفي وغيره؟
الدكتور حاتم العوني: وجود الجهلة لا يجيز التلبيس مثلا ، عندما يقرأ من مصدر فيحرف ويحذف ما يخدم فكرته . وجود الجهلة لا يجيز له الكلام بجهل . ولا يعني ذلك أني أؤيد حبس هذا الشخص أو ذاك ، فالقضاء في عالمنا ليس بالمستوى المطلوب ولا قريبا منه ، والحبس لا يناسب الإنسان ، وفلسفة العقوبات مشوهة

تعليقات

المشاركات الشائعة