الإسلامجي والألاوي

في حسابي على الفيس بوك استعملت في ذات المرات مصطلحي (الإسلامجي والألاوي) كمقابل لمصطلحي (الإسلامي والرباني) ونادرًا ما أستعملهما رغم أن تعبيرهما عن الحقائق تعبير في قمة الصدق والثبات، فسألني البعض عن معناهما فكتبت هذين التعليقين، وهما متداخلان المعاني والأبعاد، وهما تعليقان مختصران جدا كتبتهما ارتجالاً، فالموضوع متشعب الأبعاد والثغرات والمداخل التي تحتاج إلى بيان.
(الإسلامجي)
القاعدة اللغوية الفكرية تقول إن "الزيادة في المبني تدل على زيادة في المعنى" فمصطلح "إسلامي" كان الواجب في نظر العلماء الأصليين أن يُقصد به هؤلاء المسلمين غير الجغرافيين أو الذين ورثوا دينهم بالوراثة واكتفوا بها ولم يبذلوا جهدا فكريا وعمليا لمراجعة هذا الموروث لعل فيه ما يُنسب إلى الإسلام وليس منه، أو فيه ما هو منه لكنه معطلا ويحتاج إلى تجديد، ليدخلوا في عداد المقتصدين أو السابقين إلى الخيرات ويخرجوا من عداد الظالمين أنفسهم كما قال الله ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) فكان الواجب عليهم أن يبذلوا جهدا فكريا حقيقيًا يدخلهم حقًا في عداد أي من الطائفتين الناجيتين على مستويي (فرض العين وفرض الكفاية) ليتبعه جهد عملي تابع للجهد الفكري كجهدين زائدين لا يبذلهما المسلمون الجغرافيون الذين اكتفوا بوراثة دينهم عن أبائهم، فهؤلاء يستحقون حقا وصف الإسلاميين، لكن الذي حدث أن من يُسمون "الإسلاميين" في هذا العصر بذلوا جهدا في شكل كتب كثيرة ألفها علماؤهم ومفكروهم(الجهال السفهاء في الحقيقة) ظنوها فكرا إسلاميا وعلمًا شرعيا وهي في الحقيقة سيل خرافات لا أكثر يدمر العقل ويميت صحيح الدين، وزادوا بأن أنشئوا مؤسسات وهياكل لتنفيذ هذا الفكر الخرافي، فلما كان كلا الجهدين الزائدين خرافيين استحقوا أن تكون زيادة المبني في المصطلح توازي زيادة المعنى، فناسب زيادة (جي) إسلامجي بدلا من (ي) إسلامي، لأن (جي) زيادة خرافية في نظر اللغة كنسبة إلى لفظ (الإسلام) وهي تدل على زيادة المعنى الخرافية.
(ألاوي)
ألاوية تحريف النسبة إلى الله سبحانه وتعالى، حيث النسبة الصحيحة لغويا إلى الله هي الإلاهية، إلاهي.
فألاوية تحريف على غير نظام اللغة العربية فيدخل في نطاق الفوضى والجهل اللغوي، وبما أن الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى كما هي القاعدة اللغوية والفكرية المعروفة، فالزيادة في "ألاوية" زيادة في النسبة الى الله زيادة جهل وفوضى من جهة اللغة العربية، وهي من الجهة الفكرية تقابل ذلك أيضا فتكون إعتقادا يعتقده الإنسان ويترجمه إلى عمل كعادة كل معتقد - والعمل فعل وكف، إيجاب وسلب- هو عمل على غير نظام فهو عمل فوضوي خرافي يستمد مادته من الاعتقاد الخرافي - سواء كانت الخرافة تنال أصلَ الاعتقاد المكتوب كالتوراة والانجيل والأديان الوضعية كالأساطير والخرافة التي تتناقلها مجتمعات كثيرة وتتوارثها كتراث، أو كانت الخرافة لا تطال هذا المستوىكما عندنا في دين الإسلام - ولكنها تقتصر على خرافية هذا المحب للإسلام وخرافية فهمه له، فهو - كشأن غيره من أهل الأديان السماوية والوضعية - ينساق وراء الشعور الذي يجده في قلبه من حب الله وتعظيم دينه - الذي وُلد ووجد نفسه عليه- فهذا الشعور ينضاف إليه إحساس شديد - بشكل ساذج - بضرورة التجديد وإحياء الدين، إحساسًا بمعاني مجملة وعامة لا يملك هذا المحس القدرة البيولوجية على إدراك تفاصيلها وتطبيقاتها على عناصر الفكر المسيطر على زمنه وعالمه رغم محاولاته وجهاده في إدراك هذه المعرفة حتى يتخصص في العلم الإسلامي ويُقال عنه عالِم ومجدد وفيلسوف، يُملي عليه هذا الإحساس أعمال يعملها وأعمال يكف عنها كعادة كل من يشعر بمشاعر ما خطيرة ومهمة - أعمال القلوب كالمشاعر أو أعمال الجوارح كالأعضاء الظاهرة - وهذا شأن وعادة كل متدين في العالم بدين سماوي أو ووضعي أو صحيح، فإن كان هو يستمد فهمه للإسلام من الربانيين صار مثلهم فيما تعلمه منهم من نظام صحيح للفكر والمشاعر والتصورات التي وردت في دينه لتملي عليه العمل على وفقها، وإن كان يستمد فهمه من غيرهم صار مثلهم في الفوضى والتخبط - الذي يظنه أهله نظاما وعلما راقيا بل وربما تجديديًا! - في التصورات والفكر التي يلقنونه أنها من دينه فتنتج لديه فوضى في العمل على كافة مستوياته القلبية والجوارحية، فإما أن يكتشف هذه الفوضى ويُلحد ويترك الأديان، أو لا يكتشفها، أو يكتشفها ويحبها ويظل متدينا بها معظما لله ومحبا لدينه وربما كان مجتهدا في نصرته على هذا الحال، علمًا بأن القصد الأول والأعظم من إنزال الله الكتب من السماء وإرساله الرسل هو تغيير فوضى التصورات والمشاعر والأعمال تغييرها لتكون على وفق نظام صحيح يعبر عن حقائق الأشياء والنظُم ليؤهل معتنقه إلى أن يكون فاعلا في محيطه على وفق نظام يلائم الحقائق الشرعية والكونية - وهذا هو العلم الصحيح -.
وكل من الإسلامجي والألاوي غالبًا ما يكون إسلامي ورباني على المستوى الشخصي الضيق جدًا لكنه لا يكون كذلك على المستوى الشخصي الأوسع والاجتماعي وبأمثالهما تنهار الدنيا بواسطة الدين، فيُضربا بعضهما ببعض، بدلا من أن يكون الدين سببًا لرفة الدنيا، كما حدث الآن من الإسلاميين في مجتمعاتنا وسيزداد الوضع سوءا لو بقي الحال على ما هو عليه

تعليقات

المشاركات الشائعة