شرط أساسي من شروط القائم بحفظ الدين؛ يفتقده أغلبنا اليوم!

وطبعا أقصد ب" أغلبنا" أغلب الظاهرين على الساحة العلمية المنتسبين للمدرسة السلفية، ولا أقصد أغلب القراء وطلاب العلم عموما لأن أغلب هؤلاء نفوسهم طيبة جدا  ولم يتلوثوا بالدراسات القبيحة وما تجلبها من سقم الفكر وسوء الأخلاق وخبث الطوية.

أحد طلاب العلم - وكالعادة هو سلفي!- كتب منذ أيام مقالا عن شيخنا ياسر برهامي وتجنى عليه واتهمه بما ليس فيه وتنقص منه. ومثل هذا الأخ طالب العلم وأمثاله - وهم كثر - أسميهم ب " الموسوعيين الجهال" أو ب " الجهلاء النشطين" فكتبت في أول ردي عليه هذا الكلام :" الواقع أن الأخ ومثله كثيرين في واقع اليوم ممن يتخصصون في طلب العلم الشرعي هم لا يمتلكون الشرط الأساسي الذي اشترطه علماء السلف الصالح ورأيته في حديث نبوي نقله الإمام السيوطي عن الرافعي الذي ساقه بسنده، هذا الشرط الأساس الذي اختلف تعبيراتهم فيه فمنه من سماه ب" طيب السجية" ومنهم من سماه ب " جودة الطبع" وفي الحديث الشريف سماه نبينا ب " الغريزة" وقال علماء السلف أن من يفتقد هذا الشرط لا يجوز له التخصص في حفظ الدين" فرد علي رآد بأن الحديث ضعيف وقرأ عليّ حديث نبينا المعروف فيمن يروي عنه أحاديث لا تثبت، وإن كنت لا أعلم منطقا معتبرا أفهم في نطاقه رد الأخ عليّ - لأن السيوطي والإمام الرافعي هم من تناقلوا الحديث وهما أئمة في هذا العلم - إلا أن رده جعلني أرد عليه وأطنب في تفصيل الشرط الأساسي الذي عليه مدار حديثي الأصلي فقلت :" كيف يصح إسقاط حديث " (من يقل عليَّ ما لم أقل فليتبوَّأ مقعده من النَّار). على الإمام السيوطي وهو حجة في علم الحديث حتى أنه صرح بأنه لا يوجد في مشارق الأرض ومغاربها من هو أعلم بالحديث والعربية منه في زمنه، كيف يصح إسقاط هذا الحديث على من هذا علمه استدلالا بتضعيف الألباني له؟ . وبالطبع أنا أوردت لفظة الحديث استئناسا لا أكثر، لأن المعنى المُراد مقرر عند العلماء ، والرافعي شرح المراد من لفظة الحديث ولم يستنكرها فقال:" الغريزة الطبيعة، والمقصود أن الطبيعة القويمة إذا ساعدت علم الكتاب والسنة كان صاحبها من خلفاء الأنبياء وورثتهم".
والعلماء تكلموا عن أثار فقد هذه الطبيعة منها أن طالب العلم المفتقد لهذه " الغريزة أو السجية أو الطبع" قد يفهم من الكلام والأحوال ما لا يُفهم منها أي - ما لا يفهمه العلماء منها - وهذا وصف قرأته لإمام مالك فيما نقله عنه الشاطبي وغيره ونص الإمام مالك أن من هذا حاله لا يصح له التخصص في حفظ الدين - لكن له أن ينشغل بالوسائل كعلم القراءات ونحو ذلك - أما الدين من حيث هو منهج يهيمن على الواقع ويشكله على وفقه فلا، ونقل السيوطي عن " ابن القصار" من أئمة المالكية قوله في من يتوجب عليه حفظ الدين على الأمة ( فرض الكفاية) هو من " جاد حفظه وحسن ادراكه وطابت سجيته ومن لا فلا" ، ونقل" الدمنهوري " من الشافعية في وصفه للحجاب الذي أعمى المقلدين عن قبح التقليد وهو:" لفساد طبعه، وخلل في عقله. أو لعدم تدبره وتفهمه لما بينه الله تعالى من الآيات الواضحة، والدلائل الراجحة، وإلا فكل من له طبع سليم، وفهم مستقيم، إذا رفع عن قلبه حجاب التقليد، وتدرع جلباب الاجتهاد والتجريد، وتعرض لنفحات ربه، أفاض بجوده عليه التأييد والتسديد كما قال تعالى{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}
فكما ترون كلماتهم تتفق على فساد الطبع أو اختلال العقل - والعلاقة بينهما جدلية - وأثار هذا الفساد في فهم الكلمات والأحوال، فمن هذا حاله إذا تخصص في حفظ الدين حصل منه من الفساد في الدين ما الله به عليم، ويبدو لي أن أصحاب هذه الأوصاف هم المرادون بلفظ " السفلة" في كلام علماء السلف كالإمام مالك وغيره ممن نقل كلامهم كالشاطبي وغيره من المجددين فقد حذروا من تمكين السفلة من طلب العلم - ومرادهم التخصص طبعا- حتى لا يفسدوا الدين . وبالطبع المقصود من فسادهم في الدين ليس فسادا في كتب الدين! وإلا فما منا وإلا ويحترم المصحف والكتب المطبوعة في العلم !! ولكن المقصود إفسادهم فهم الناس للدين وتخريبهم للشخصية المتدينة وتشويههم صورة التدين وصورة طالب العلم في أذهان الناس، ولهم أوصاف أخرى يعلمها الخبراء الراسخون في العلم الحقيقي" فالواجب على كل متدين أن يراعي هذا الشرط الأساسي عند نظره فيمن يتعلم منهم الدين " فإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم "

تعليقات

المشاركات الشائعة