جوانتانامو مصر...الداخل مفقود والخارج مولود

يكاد الإنسان يصعق من هول ما يسمع عن ما يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون في سجون أمن الدولة المصري، حتى أضحى "الداخل فيها مفقود والخارج مولود".







الخطر بانت معالمه أشد وأقسى يوم الثلاثاء 13/ 10 /2009، عندما أعلن عن استشهاد المعتقل يوسف أبو زهري (38 عاما) نتيجة التعذيب الذي كان يتعرض له داخل السجون المصرية، وذلك بعد ستة أشهر على اعتقاله...


واتضح الخطر أكثر وأكثر، يوم الخميس 6/ 5 /2010، عندما أفرجت السلطات المصرية عن ستة من نشطاء وكوادر الجهاد الإسلامي الذين اعتقلتهم قبل شهرين بينما كانوا عائدين إلى غزة من رحلة خارج البلاد...


ومن بين المفرج عنهم درويش الغرابلي، حيث انعقد لسانه عاجزا عن وصف 51 ليلة قضاها في سجن "الجهاز" الذي يديره جهاز مباحث أمن الدولة المصري، واختصر حديثه بالقول: "لقد رأيت ما كنت أسمعه عن "غوانتنامو العرب" وأبو غريب، واقعا في السجون المصرية"، وأضاف: "إن كل يوم كان يحمل مأساة تتجدد، ولم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن أقع تحت مطرقة عربية تجلد ظهري بكل أنواع التعذيب الوحشي"، واصفا ما تعرض له: "لم يسمع مثلها في قصص الخيال".






وتتضح معالم الجريمة التي ترتكب في "غوانتانامو مصر"، عندما اعتقل أحد الصياديين الفلسطينيين، وعذب في سجون مصر وخرج منها فاقدا لعقله، حسب ما أفاد رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي الدكتور يحيى موسى...


فيما أكد عماد السيّد المنسق العام لتجمع أهالي المعتقلين في السجون المصرية وشقيق المعتقل محمد السيد، أن الأمن المصري "اعتقلوه فجأة وهو على وشك التخرّج من قسم الهندسة الكهربائية بجامعة 6 أكتوبر أثناء إعداده لبحث التخرّج وعذّبوه بشكل فظيع، لدرجة أنه الآن ومنذ ما يزيد عن الشهر في سجن أبو زعبل ينزف ويقذف الدم من فمه، ولا يقوى على الوقوف"...






وبعد صمت مطبق، ونفي كاذب من مسؤولين أمنيين مصريين لهذه الحقائق، خرج ضابط أمن مصري عن صمته ليؤكد أن: "السجين الجنائي المصري يعامل بشكل حسن مقارنة بالمعتقل الفلسطيني، فلديهم فرصة للزيارات من قبل الأهل والخروج إلى مكتبة السجن للقراءة وصلاة الجماعة، كما أن وجباتهم الغذائية أفضل، وهذه الأمور لا يمكن أن يحصل عليها المعتقلون الفلسطينيون، فهم معزولون عن العالم الخارجي، ويعيشون في ظلام مطبق بشكل مستمر في زنازين ضيقة ورطبة وقذرة للغاية، لا يستطيع حتى السجان المكوث فيها لدقائق معدودة بسبب رائحتها الكريهة، في حين يسجن المعتقل الفلسطيني فيها لأشهر متواصلة دون أن يرى الشمس".










وتعتقل مصر في سجونها أكثر من 50 معتقلاً فلسطينياً، غالبيتهم من عناصر المقاومة الفلسطينية، يقاسون ألوان العذاب، والسبب صلته بالمقاومة! وهو ما كشف عنه الضابط المصري "إن قيادة جهاز أمن الدولة المصري طلبت التركيز في التحقيقات مع المعتقلين الفلسطينيين على بنية حركة حماس ومكان الأسير جلعاد شاليط".






ضابط الأمن الذي رفض الكشف عن اسمه، أكد أن الشهيد يوسف أبو زهري تم إعدامه في سراديب التعذيب في مقر جهاز أمن الدولة في القاهرة، وتحدث عما يلاقيه القائد القسامي أيمن نوفل منذ من يزيد عن ثلاث سنوات بالقول:"ما استطعت أن اعرفه عن أيمن، أنه مكث وحيداً لمدة تزيد عن العام ونصف في زنزانة داخل معتقل أبو زعبل في القاهرة، لا تتعدى مساحتها متران مربعان، ولا يوجد فيها مصدر للتهوية أو الإنارة، سوى دلو حديدي يستخدمه في قضاء حاجته"...






ويصف وضعه الصحي: "عندما رأيته -أيمن نوفل- كان محمولاً من قبل جنديين في ممر قسم التحقيق، لا يستطيع المشي لوحده من أثر التعذيب الذي تعرض له أثناء التحقيق، وكان هزيل الجسد لم يحلق شعره أو لحيته منذ شهور، ويرتدي ثياب السجن الزرقاء وكانت قذرة بشكل غير محتمل، لدرجة أن الجنديان اللذان كانا يحملانه لم يتحملا رائحتها".










ويا ليت أن الأمن المصري اكتفى بذلك، بل إنه لاحق الفلسطينيين في عرض البحر، وتحت الأرض...


فقبل أيام قليلة هاجم زورق حربي مصري قارب صيد، فأردى قائده "محمد إبراهيم البردويل 46 عاما" صريعا، وجرح آخرين، متوعدا لهم "عاوز أموتكم".


وسبقها بأسابيع جريمة بشعة ارتكبها الأمن المصري، بقتل أربعة عمال داخل أحد الأنفاق الحدودية التي تحولت من شرايين للحياة في ظل حصار غزة إلى مقابر موت بفعل الغاز السام المصري.










حركة حماس، دقت ناقوس الخطر مراراً وتكراراً، واصفةً وضع المعتقلين الفلسطينيين في سجون مصر بالكارثي، مؤكدةً أن استمرار أوضاعهم بهذه الطريقة ينذر بالخطر، لأن أرواحهم باتت في حالة حرجة للغاية...


واعتبر الدكتور صلاح البردويل ما كشفه ضابط الأمن المصري مؤشرٌ خطيرٌ، مطالباً بوضع حد لممارسات الحكومة وأجهزة أمنها، فيما طالب المستشار السياسي للحكومة الفلسطينية الدكتور يوسف رزقة بالتحقق من صحة تلك المعلومات أو نفيها.






وتساءل الأستاذ خالد أبو هلال الأمين العام لحركة الأحرار الفلسطينية: "لماذا يريد أن يتجسس الأمن المصري على هذه الخصوصيات الفلسطينية التي تعتبر من أقدس مقدساتهم، ثم بأي منطق أخلاقي أو وطني أن يعذب الفلسطيني تجاه اعترافات من هذا النوع، لصالح من يعمل هؤلاء الضباط المصريون؟".










وبين ما يتعرض له الفلسطينيون خاصة في غزة من قبل أجهزة الأمن المصري، من حصار وتنكيل وتعذيب، وما يتعرضون له في الضفة الغربية على يد أجهزة دايتون، ربما يفوق ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال!


وهذا ما أكده جمال الزبيدي القيادي بكتائب الأقصى: "أن كل من كان يقاوم في الماضي، أو يفكر في المقاومة حاليا يتعرض للاعتقال والتعذيب على أيدي أجهزة أمن دايتون".






وشدد على أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، لم يفعل ما تفعله أجهزة أمن السلطة بالمعتقلين المناضلين، مثل التعذيب حتى الموت! فمن يذهب إلى زنازين تحقيق السلطة ينتهي إلى المستشفى في اليوم التالي هذا إذا لم يفارق الحياة".






الأربعاء 19 مايو 2010 م






تعليقات

المشاركات الشائعة