الإمام عبد الحميد بن باديس والحكومة.

الإمام عبد الحميد بن باديس والحكومة.
قام الإمام "عبد الحميد بن باديس" بعدة رحلات إلى مدن الجزائر للتعارف على أهلها، وكان يلقي عليهم درسا حفيفا ثم بعد الدرس يعرِّف الناس بجمعية العلماء المسلمين الذي يترأسها، ثم يذكر لهم " فضل الحكومة التي أذنت لهذه الجمعية وفضل رجالها الذين لاقينا منهم حسن المقابلة والتأييد" "انظر آثار الإمام عبد الحميد بن باديس، طبعة وزارة الثقافة بالجزائر، ج4،ص261" ويقول ''...وأي مقصد أشرف وأي نية أنفع من تعاون الحكومة مع العلماء لتهذيب اﻷمة وتعليمها؟!'' ص 264
هذه مقارنة بين الإمام وبين قيادات وعلماء الإسلاميين اليوم، الإمام يذكر فضل الحكومة وهي "الإدارة الفرنسية" الموكلة من قبل فرنسا لإدارة الجزائر في عهد احتلالها! بينما نجد دعوة الإسلاميين منذ عشرات السنوات لا تذكر لحكومة بلادهم إلا السوء وتركز عليه، ولونشرت لهم حسنة تنشرها على استحياء وبسرعة، رغم أن حكوماتنا حكومة مسلمة وفتحت أبواب كثيرة للإسلاميين حتى أن من الاسلاميين من يتفوه ويكتب أقذر الأفكار عنفًا وتطرفًا وتتركهم الحكومة أحرارًا ينشطون في بلادنا لسنوات طويلة جدا! والتيار المدني أيضا هذا حاله مع الحكومة؛ رغم التغيرات الجيدة التي لحقت حكومتنا المصرية بعد ثورة 25 يناير، ولكن هؤلاء الإسلاميين والمدنيين لا يشبعون ولا يقنعون بما في أيديهم، حتى رأيناهم وقد صاروا متخصصين في تدريس مثالب الحكومة، فمن الإسلاميين من يكفّر الحكومة وبقية الاسلاميين تدعي أن الحكومة تريد كبت فكرة الصحوة الإسلامية! والمدنيون يزعمون أن الحكومة لا تريد الاصلاح "غياب الارادة السياسية" وأن المشاريع التنموية جاهزة ولا ينقصها سوى "الإرادة السياسية" لكن الحكومة لا تريد النهوض  بالناس!
هذه التيارات تريد امتيازات أكثر رغم قصور مؤهلاتهم عن القيام بما في أيديهم من ميزات! ولا عجب، فهذا شأن المغرورين، يغترون بأفكارهم فيحسبونها "فكر علمي ومشاريع علمية" وهي في الحقيقة "فكر خرافي!" ويغترون بأخلاقهم فيحسبون أنفسهم أهل إيثار وشفقة وعدل على المسلمين وهم في الحقيقة "أهل خواء أخلاقي" ظهر ذلك الخواء من كثير منهم وكشفته ازدحام الحوادث وسنة الله في التدافع.
يحدد علماء أوروبا سبب هذا المرض الموجود في التيارات الثورية عندهم (والإسلاميون والمدنيون في بلادنا هم نسخة مشوهة من هذه التيارات) يحددونها في غياب ما يسمونه "حسّ التعقُّد" فذلك المعارض أو الثوري لا يعلم أن وراء خلل ما منظومة معقدة من الأسباب، وتعجبت حين رأيت هؤلاء العلماء لا يرجعون غياب "حس التعقد" إلى انحراف فكري قريب (زمنيا) تكونُّه في نفوس المنحرفين كالمرحلة الجامعية وما بعدها، ولكنهم يرجعون هذا الغياب إلى فترة بعيدة "زمنيا" إلى "التنشئة الاجتماعية" أي التربية الأسرية والمدرسية وما شابهها من مؤسسات!.
فأرجو أن لا تغتروا بهم، ولا تغتروا بتفلسف بعضهم في الكتابة، لأنهم من أجهل الناس بالفكر والمعاني! وتفلسفهم المكتوب هذا هو فقط نتاج "لغة ومفردان علمية" حفظوها من المناهج الدراسية في المرحلة الجامعية وما بعدها من مراحل أكاديمية! وهي لغة تخفي فقرهم الفكري وحقيقة "خرافيتهم الفكرية" لا تغتروا بهم وامنعوا جريان الفتنة في بلادنا أكثر من ذلك واهتموا بالاصلاح.
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة