(وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}


(وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}

يقول الله تعالى {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}(البقرة:72)

هناك ارتباط دائم بين حقيقة الانسان الداخلية وبين سلوكه وكلامه الظاهر كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" والمقصود بالقلب في الحديث "محل التعقل" بحيث يسبق العاطفة ويرشدها، لا المعنى المشهور العاطفي للقلب.

لكن ليس دائما تتطابق الظواهر مع البواطن لأسباب مختلفة منها: نفاق المرء فيظهر خلاف ما يبطنه، ومنهاغروره وادعاءه المعرفي فيرى نفسه فوق حجمها الحقيقي ثم يغتر به غيره من الناس، وفي هذه الحالات وعدنا الله بأن يخرج حقائق البشر أمام أعين الناس، لا سيما أولئك المتصدرين للعمل في المجال العام من اجتماع ودين وسياسة، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة منذ ثورة 25 يناير سيلاً من الحقائق أظهرتها الحوادث كانت خافية على الكثير من الناس التي كانت تضع ثقتها في غير محلها في قادة وعلماء التيارات التي تنتسب (باطلا وزورا) إلى الإسلام العظيم، وكان آخرهم هو "يوسف القرضاوي" الذي فضحته الحوادث وبالأخص آخر حادثة منذ أيام حيث صدر بيان من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي يداهن فيه أردوغان لأنه يعتزم تحويل النظام السياسي في تركيا إلى نظام رئاسي، فصدر البيان يدعي أن النظام الرئاسي هو النظام الاسلامي! يخالف بذلك فكر القرضاوي السابق، وكان هذا الحدث صارخ بالدلالة على حقيقة هذا الرجل بأوضح مما قبله من حوادث (على وضوحها أيضا) حتى قرأت انتقادات لاذعة من أقرب الناس له وأبعدهم عن نقده، بل رأيت كثير من الشباب قليلي العلم الذين كانوا مغررًا بهم يصفون القرضاوي ب "تاجر الدين!" وهذا مستوى عال من الوعي يستحق الاحتفال به.

سنة الله في كشف الحقائق ليست محصورة في كشف أهل الفساد، بل تشمل كشف أهل الصلاح، فقد يكون الانسان على علم ودين لكنه مغمور لظروف خارجة عن إرادته (وهي كثيرة) فيدخل كشف هذا الانسان الصالح ضمن وعد الله، وكأن الله يقول لنا: المجتمع عندي أهم من الفرد، والثقة هي أهم رأس مال اجتماعي، فلو رأيتم أئمة الفساد ممكن لهم في الأرض ويحظون بدرجة عالية من ثقة الناس (الجاهلين بحقيقتهم) ورأيتم أئمة الصلاح مهمشين، فاطلبوا من الله وحده أن يكشف عمى الأبصار ويفضح الأئمة ويكشف حالهم، لأنه هو وحده القادر على تدبير الأمور وتيسير الظروف التي يستدرج بها الفاسدين إلى نهايتهم، فيمكر بهم وهو خير الماكرين، ويدبر لأهل الصلاح الأمور من حولهم ليعلي من شأنهم، فاسألوا الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

ومن أراد تطبيقا لهذا الوعد الالهي في أبعاد اجتماعية أخرى فليقرأ مقال بعنوان "الحزبية المقيتة ليست إلا الارتباطات الضرورية للفكر الفاسد" على هذا الرابط
https://elmorsykhalid.blogspot.com.
eg/2016/10/blog-post.html?m=1
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة