هل الصراع الحالي سياسي أم ديني؟ ورأي الدكتور محمد دراز فيه وفي التحزب.




الكاتب – خالد المرسي.
بعد ثورة 25 يناير حدث صراع بين القوات المسلحة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين فبينما الجماعة تتصور أنها تخوض صراعا لنصرة الإسلام ترى القوات المسلحة أن الصراع سياسي ولا علاقة له بالدين وأنهم مسلمون كباقي المسلمين.
 هذا الصراع حدث بعد ثورة 1952م الذي اشترك فيها جماعة الاخوان والضباط الأحرار ثم تصارعوا وتولى الحكم ضباط الجيش بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر فكيف كان تقييم الدكتور محمد دراز – رحمه الله -  لهذا الصراع؟
 أولا أقول إن كثيرا من علماء وقادة الصحوة الإسلامية المعاصرة يرون هذا الصراع – بعد الثورتين - من أجل الدين، أي إن القوات المسلحة تحارب دين الإسلام لا أنها تحارب فصيل من المسلمين لأغراض وطنية أو دنيوية ، والواقع أن هؤلاء أخطأوا التقييم وهذا شأن بسطاء التفكير دائما لا يصيبون حين يفكرون في الشئون العامة التي هي بطبيعتها دقيقة وصعبة، وللأمانة أقول إني رأيت أحد علماء السياسة من المدرسة الإسلامية المعاصرة يقول كلاما يدل على أنه يرى الصراع صراع مع الإسلام وأنا أفسر موقفه هذا بأنه لا يفهم حقيقة الإسلام وفقهه كما فهمه العلماء المتخصصون المعاصرون المجددون من أهل العقول المتألقة المبدعة، هكذا أفسر موقفه وموقف أمثاله لأن هؤلاء متعمقون في التفكير وليسوا من بسطاء التفكير كشأن بعض علماء الدين أصحاب التفسير السابق – وهذا لا يعارض تفسير الصراع بصراع الإستبداد والحرية الدائر في إطار المعاصي الدينية لا الكفر والخروج من الملة طالما كان استبدادا بالباطل لا بالحق - .

ويسعدني أن ألفت النظر إلى اثنين كان يصنفان ضمن أخطر الجماعات الإسلامية تطرفا، وقضيا خمس وعشرين سنة في السجون المصرية، الأول الدكتور ناجح ابراهيم أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية والثاني الشيخ نبيل نعيم أحد مؤسسي جماعة الجهاد الإسلامي،  فالأول يعيش هذه الأيام قمة نضجه الفكري كما يصفه الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، كتب د ناجح ابراهيم منذ يومين مقالا بعنوان " الإسلاميون وناصر.. صراع الماضى والحاضر

"  قال فيه إن صراع جمال عبد الناصر مع الإخوان كان من أجل السلطة لا من أجل حرب الإسلام من جهة عبد الناصر ولا من أجل نصر الإسلام من جهة الإخوان.
 والثاني الشيخ نبيل نعيم الذي صرح بضرورة الرجوع إلى منهج العلماء المجددين كمحمد عبده ورشيد رضا لنعرف كيغف واجهوا القوى التي يوزاهها الجماعات الإسلامية الآن، قال ذلك حين سأله الإعلامي نشأت الديهي عن النماذج التي يتبعها والتي غيرت فكره من التطرف والتعصب والعذاب إلى سماحة الإسلام ورحمته في برنامج ميدان السياسة وهذا رابط الحلقة
http://www.youtube.com/watch?v=-2nJOkWVQDc
.
قد يسأل سائلويقول: أنت تنكر وجود من يحارب الإسلام؟ طبعا لا أنكر وجودهم ولكن أنكر على من يخطئ في تحديد هؤلاء وفي تحديد المسئول عن بروزهم، لأن أمثال هذه القلة المنبوذة شعبيا شأنها كشأن الفئات القليلة المنبوذة كتجار المخدرات والبلطجية والسراق  وشبكات الدعارة وأمثالهم في المجتمع عندما تحدث فوضى " والتي نسميها ثورة " تترك ورائها ثغرات كثيرة بلا مراقب ينفذ منها أهل الباطل بمختلف أنواعهم وأغراضهم ، فالصحيح إذن أن نفسر خروج هؤلاء ونرجعه إلى الثغرات التي خلفتها الثورة "الفوضى" لا إلى الأطراف الثائرة المسلمة، بل إن المسئول عن بروز أعداء الدين في هذه الأوقات هم من يزعمون أنهم يعملون  ويثورون من أجل الدين لا  من أجل السلطة، نعم هم المسؤولون لأنهم بسوء تقديرهم وبإهمالهم في معرفة الحق خلطوا ما معهم منه بكثير من الباطل والخطأ، فلما فشلوا كنتيجة طبيعية لسوء تقديرهم استغلت الفئة القليلة المتزندقة هذا الفشل ليمرروا باطلهم ويحاولوا النيل من قليل الحق الذي خلطه أهله بكثير باطل، هم المسؤولون في الحقيقة لأنهم بسوء تقديرهم خذلوا الحق الذي معهم إذ لو كانوا على الحق الإسلامي الصحيح لكانت لهم العاقبة ولسدوا المنافذ على الفئة القليلة المتزندقة لأن الله جعل العاقبة للمتقين {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} فإذا تكرر فشل أهل الحق كما تكرر فشل جماعة الإخوان منذ نشأتها إلى الآن علمنا قطعا أنهم زلوا في فهم الحق الإسلامي الصحيح المنزل من عند الله!، وبدلا من أن نصف من يخطئ باطلَهم ويحاربه بأنه على حق وعلى صواب نصفه بأنه يحارب الإسلام! وبذلك نفهم لماذا يفسد الدعاة إلى الله أحيانا أكثر مما يصلحون رغم يقيننا بإخلاصهم وبحبهم الدين  لأن الإخلاص وحده لا يكفي كما قال الإمام ابن القيم " نسخة السعادة وعلم الهداية؛ حسن فهم وقصد صالح" وقد حرر الشيخ رشيد رضا – رحمه الله -  هذه المسألة في مقال عنوانه " الحق والباطل والقوة" ونشر في المجلد التاسع من مجلة المنار ص 52.
أما عن رأي الدكتور محمد دراز فقد أوضحه في كلمة إذاعية أذيعت بمحطة القرآن الكريم الرسمية يوم الأحد 25 / 1 / 1953 م سأنقلها قريبا بنصها  وهي مفرغة ومنشورة في كتاب " زاد المسلم للدين والحياة" جمع وإعداد وتحقيق الشيخ أحمد فضلية – رحمه الله – نشر دار القلم – الكويت – وعنوانها "  التحرير – التحرر – الحرية" . ونصح فيه المتصارعين بعدم التحزب من أجل الأغراض الشخصية السلطوية الشهوانية وأن يعملوا من أجل الوطن سواء كانوا في الجندية أو في موقع القيادة بل وعلّق على قرار ضباط الانقلاب بوقف النشاط الحزبي مؤقتا ناصحًا إياهم بأن يوقفوه ويحرموه مؤبدا لا مؤقتا لأن الحزبية محرمة شرعا لأنها تعارض رابطة الإسلام التي تجمع المسلمين في بوتقتها ليعملوا سويا من أجل الدين والوطن ولأن هذه الحزبية تفرض قيودا على حرية الفكر والتعبير فبدلا من أن يفكر المسلم في شئون رفعة دين المسلمين ودنياهم يفكر في شئون الطائفة التي تحزب إليها وفي ذلك تعطيل لقوى الفكر  " نقلت بعض كلامه بالمعنى

تعليقات

المشاركات الشائعة