كيف يكون أنبياء الله وصحابة رسول الله أعلم العلماء بالله والإنسان رغم أنهم لم يكتبوا أي كتب؟

كيف يكون أنبياء الله وصحابة رسول الله أعلم العلماء بالله والإنسان رغم أنهم لم يكتبوا أي كتب؟
هناك إجماع من علماء الأديان بأن أنبياء الله أذكى الخلق وأعلمهم بالله والانسان، وإجماع من علماء الإسلام بأن صحابة رسول الله أعلم من كل علماء الإسلام الذين كتبوا آلاف الكتب، لكن لا أظن أحدا من علماء الأديان قادرا على إثبات ذلك الاجماع بالأدلة العقلية الدقيقة، فهذه الأدلة تجدها في كتب علماء الاجتماع من غير المسلمين أصلا، ولم يثبتوها بدليل ديني كما أنهم لم يقصدوا بها تقرير هذا الاجماع الديني، وإنما قرروها وهم في مسيرة البحث العلمي فقط، وقد رأيت العلامة "اميل ور كايم" مؤسس علم الاجتماع الحديث يقول (إن الأصل في تحصيل العلم بالأشياء هو النظر بالعين فيها، وما الكتابة والقراءة إلا وسيلة في تحصيل العلم اضُّطر إليها حين تعذر على اللاحقين رؤية ما حدث في تجارب السابقين بأعينهم، ولذلك فالذي يحوز العلمَ بالأشياء بعينه ويمارس التفكير العلمي بفكره، لا يجد أي إلحاح نفسي من داخله يحضه على كتابة علمه في سطور، فهذا الالحاح المغروز في نفوس العلماء المدونين للكتب، يراه صاحبُ العلم البصري كأحلام الأطفال، فهل ترى إنسانا ناضجا تدفعه وتحثه أحلام الأطفال؟! طبعا لا.
  يعني أن الذي يباشر العلم بالأشياء بعينه ويعيشها في نفسه وفي الواقع البشري ويخطط لتقريرها فيه بكل كيانه النفسي والمادي، هو يدون علمه في سطور الأرض وسطور البشر، يُمكِّن لعلمه كي يحكم الأرض، وهذه هي الغاية من تسطير العلم في ورق، فلا تتصور ممن ينشغل بالغاية فعليًا أن ينصرف عنها ولو أحيانا قليلة إلى الانشغال بوسيلتها التي يلجأ إليها الانسان العاطل أو الممنوع أو العاجز عن تسطير علمه في سطور الأرض والبشر ) هذا معنى كلام إميل دور كايم، وقد رأيت قبسًا من هذه البصيرة في كلام "أنتوني روبينز" وهو واحد من أعظم العقول المالية في العالم، وغير حياة ملايين من البشر بفكره، يقول إنه "لم أكتب كتابا كبيرا منذ عشرين عاما، لأني أحب أن أعيش الأحداث، أحب تجربة التعمق كليا، والتواصل بكل مرونة، وفي الحال مع عدد يتراوح بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف شخص في وقت واحد... لذا أعترف، كلما أجلس لكتابة بعض الكلمات على صفحة، أشعر كأن هناك كمامة على فمي ويدي مقيدة خلف ظهري"
فهل نتمنى أن يكف المتدينون وغيرهم عن الانشغال عن فهم علوم الأنبياء وصحابتهم لحسال الانشغال بعلوم الجدال والمراء المملوءة بها كتب الأديان؟ إنها أمنية بعيدة أو مستحيلة المنال، حيث التاريخ يثبت أن كل وسيلة نشأت لخدمة غاية لا تلبث ثلاثين سنة تقريبا حتى يقلب الناس الوضع ويبالغون في الاهتمام بالوسيلة وينسون الغاية.
خالد المرسي
    

تعليقات

المشاركات الشائعة