خطأ من يركز في مشكلاته الخاصة بحجة شدتها، ويتعامى عن المشكلات العامة.

خطأ من يركز في مشكلاته الخاصة بحجة شدتها، ويتعامى عن المشكلات العامة.
تشيع بين عوامنا ومفكرينا أوهام كثرة باطلة كوهم أن من يعاني من مشكلات شخصية كبيرة يجب أن يضع كل تركيزه فيها ولا ينظر لمشكلات مجتمعه العامة، لكي لا يكون منافقا؛ بمعنى أنه يسعى في حل مشاكل مجتمعه وهو لا يقدر على حل مشاكل نفسه، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، ففاقد الحل لمشاكله لا يعطي حلولا لغيره، وكل هذا هراء في هراء، يتحدث "اريك فروم" عن كثيرين من الناس الأشقياء التعساء، وعن وهم خطير يديم من تعاستهم؛ وهم يتوهمون أنه يقلل منها!، يقول في سبب دوام وزيادة تعاستهم "لأنهم يعتقدون أن أفضل طريقة لشفاء المرء هي تركيزه الكامل على مشكلاته، ولكنها ليست أفضل طريقة، إنها أسوأ طريقة. إن تركيز المرء على مشكلاته يجب ولا بد أن يسير مع التوسيع الشديد والتشديد المتزايدين لاهتمام المرء بالحياة، وقد يكون الاهتمام بالفن، وبأشياء كثيرة، ولكنني أعتقد أنه يجب أن يكون كذلك  بالأفكار"
حقا كلامه.
أما قولهم (فاقد الشيء لا يعطيه) ففيه مغالطة كبيرة، لأن هذه المقولة تصح في حالات معينة تتفق في الجهة والوقت معا، ففاقد المال الآن لا يستطيع أن يعطيه غيره الآن، هنا تصح المقولة، لكن يستطيع أن يعطي غيره مالا في شكل  إشارة له على عمل ما يدر عليه مالا في وقت لاحق، وهكذا...، تنفك الجهة أو الوقت، الحياة الاجتماعية قضاياها مليئة بانفكاك الجهات والأوقات، ثم إنك لو انشغلت بالحياة العامة زادت علاقاتك الاجتماعية مما يزيد من فرص حصولك على دعم منها لمشاكلك الخاصة مباشرة أو حتى بشكل غير مباشر (في شكل الصحة النفسية التي تسببها تعدد العلاقات الاجتماعية والاهتمام بالحياة العامة) وهي تعين على تحمل المشكلات والقدرة على تخفيفها إلى أن يأتي الله بالفرج.
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة