سبب اختيار د. المسيري للإسلام دون دين آخر.



س: قصة تحولك طويلة وقد بينت أنك بدأت برفض المادية ثم تدريجيا اتجهت نحو الإسلام، فلماذا الإسلام وليس أي دين آخر؟
ج: لقد بقيت مدة من الوقت مؤمنا بالله وبالإسلام، ولكن إيماني بالإسلام لم يكن له أي أساس فكري وفلسفي واضح في ذهني (وأنا لا أقبل شيئا إلا إذا كان له أساس فلسفي).
 وقد حيرني هذا السؤال بعض الوقت: لِمَ الإسلام وليس أي دين آخر؟ وحيث إني أحب أن أكون نزيها ومتسقا مع نفسي، قدر طاقتي، فقد بت أذكر لأصدقائي أنه لا يوجد سبب واضح، إلى أن تبلورت قضية الحلولية في ذهني، وضرورة وجود مسافة بين الخالق والمخلوق، وقد وجدت أن الإسلام هو أكثر العقائد ابتعادا عن الحلولية وعن توحد الخالق بمخلوقاته (وحدة الوجود)، أي إن التوحيد في إطار الإسلام – في تصوري – هو أكثر أشكال التوحيد رقيا وتساميا. فمفهوم الإله الواحد المنزه المفارق للطبيعة والتاريخ فكرة مركزية في الرؤية الإسلامية.
هذا لا يعني رفضا للآخر، إذ يظل مفهوم التدافع مفهوما أساسيا، وهو مفهوم إسلامي يعني الاختلاف بل والصراع، ولكنهما اختلاف وصراع رقيقان، مثل تدافع السيل، حين تلاطم بعض مياهه بعضا، ولكن هذا التلاطم لا يوقف التدفق، بل هو جزء منه.
ومفهوم الله الرحيم العادل من المفاهيم المركزية في تصوري، وهو ليس إله العرب أو المسلمين أو قوم أو عرق دون الأقوام والأعراق الأخرى، بل هو رب العالمين أجمعين، يشملهم جميعا بعدله ورحمته. ولعل كل هذه العناصر توسع من آفاق إيماني الديني، وتجعل للآخر مكانا في عالمي مع إيماني بالإسلام أو ربما بسببه.
إذ إن الإسلام من أكثر العقائد تسامحا وقبولا للآخر، مع أنه يحدد الحدود ويضع الفواصل.
المصدر:  كتاب "حوارات الثقافة والمنهج للدكتور المسيري تحرير: سوزان حرفي" ص 90


تعليقات

المشاركات الشائعة