كيف نسد حاجات الفقير دون التشهير به؟


كيف نسد حاجات الفقير دون التشهير به؟

دائما نرى الجمعيات الخيرية وأمثالها تعطي الفقراء حاجاتهم في علن، إما علن أمام أهل الحي أو بإظهار صورهم في شاشات التلفاز ووسائل الاتصال الاجتماعي لإثبات شغل الجمعية ولتحفيز غيرهم على الإنفاق.

والحقيقة أن هذا إهدار لحق الفقراء وإجرام في حقهم، فالتعريف الأشهر في العلوم الاجتماعية للفقير أنه الذي يحتاج إلى مساعدة الآخرين، وعلى ذلك فأنت إذا سديت عوز الفقير في احدى حاجاته في علن لا تكن قد أزلت فقره، بل أبدلت فقره بفقر آخر ربما أشد من الفقر الأول (المادي) فأنت أظهرته محتاجًا للمساعدة أمام الناس وهذا هو تعريف الفقير سابق الذكر!

وإن قال قائل: إن الفقير يفرح بذلك ولا يشعر بأي حرج، قلُت: من أدراك لعله يظهر الفرح في ظاهره وفي داخله منكسر لاضطراره إلى هذا البروز؟! ثم بفرض أنه لا يشعر في داخله بأي انكسار لتعوّده على هذا الوضع البغيض، فالواجب هو تغييره إلى وضع السواء لا الإنجرار معه، فالإنسان قد يذهل عن أهم ضرورياته ويحتاج حينها إلى من ينبهه ويخطط له ليساعده على الاعتدال ولذلك مثلاً لاحظ "داروين" أن قوما يُقال لهم الفويجيين ما كانوا يبذلون أي جهد لوقاية أنفسهم من البرد، وأنهم ما كانوا يلبسون إلا ملابس قليلة، وأنهم قلما استفادوا من تلك الملابس ضد تقلبات الطقس"

 والعجب أن مؤلف كتاب "تكنولوجيا السلوك الإنساني" "ب-ف. سكينر" يقول: " لحل مشكلات الفقراء علينا أن نبث في الناس احترام الذات ونشجع روح المبادرة ونقلل من مشاعر الخيبة" رغم أن كتابه هذا ينظِّر إلى تسوية الإنسان بالآلة الجامدة الخالية من مشاعر! إلا أن الحق في موضوعنا من وضوحه أبى إلا أن يظهر من قلمه!

والواجب على القائمين على هذه الجمعيات وعلى مفكرينا وعلماءنا أن يبتكروا صيغ وأساليب ووسائل مناسبة تحفظ على الفقير ماء وجهه وتسد حاجته بلا أذى أكبر (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى) وفي ذات الوقت تحقق للمؤسسة العلانية المطلوبة لإثبات الشغل وتحفيز الآخرين، وسيرة سلفنا الصالح في حفظ حقوق الفقراء المعنوية كثيرة.

أرأيتم كيف أن موضوع يتكرر مئات المرات في حياتنا يوميا محاطٌ بمشاكل خطيرة ولا يجد مفكرين يتناولونه؟! فمفكرونا وعلماؤنا يبحثون في كل شيء إلا فيما يجب عليهم البحث فيه!.
وبعد فترة خرج نشرت وسائل الاعلام هذا الفيديو 
 http://www.masrawy.com/News/News-Videos/details/2016/4/17/816415/%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D9%83%D9%89-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D8%AD%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%B6%D8%AD%D9%86%D8%A7-#NEWS-MOSTREAD-details
فعلقت عليه وقلت :
وهذا يؤكد دور الفكر في أي تنمية، ولذلك أقول دوما "مفيش فايدة" ما دام لا يوجد مفكرون يتناولون هذه المسائل الجزئية الفردانية جدا! حتى ليتناولون هذه البديهية التي نتوهم أنها مشهورة ومعروفة وهي بديهية "معاناة الفقراء"! لو وُجد هؤلاء المفكرون لطرحوا أسئلة دقيقة في تفاصيل دقيقة جدا وتناولوها بالشرح والتحليل، ولكن يبدو والعلم عند الله أنه "مفيش فايدة"

تعليقات

المشاركات الشائعة