تحليل لموقف المسلمين من القرآن ،وسببه، والمطلوب منهم تجاهه


1-"نحمد الله جل ثناؤه أن جعل قبول هذا الكتاب – أي كتاب الوحي المحمدي - وتأثيره فوق ما كنا نُقدِّر ونحتسب، على ما نظن من دقة اختبارنا للعالم الإسلامي. إنه لم يكن إلا خلاصة عامة من تفسير المنار للقرآن الحكيم، وأكثر المسلمين قد هجروا القرآن هجرًا غير جميل، إذ باتوا يجهلون أن فيه كل ما يحتاجون إليه من حياة روحية وأدبية، وقوة سياسية وحربية، وثروة وحضارة ونعمة ومعيشة، بَلْهَ ما يلزم ذلك من الفوائد السلبية كدفع طغيان الأجانب عليهم، وصد عدوانهم عن بلادهم، وانقاذهم من استذلالهم لشعوبهم، في القرآن كل ما ذكرت وما هو أكثر منه وأكبر، ولا يطلبونه منه، ومنهم من يطلبه من غيره. حتى الحياة الروحية يعتقدون أنه هو ينبوعها الأعظم، ويوجد فيهم من يطلبها من غيره (كالأوراد والأحزاب) بناء على أنها مستمدة منه ويقل فيهم من يزيد عليها تلاوة ألفاظه، وإنما يتلوها تاليها منهم ومن غيرهم لأن لقارئها على كل حرف منه عشر حسنات، لا للتدبر والإدّكار الذي أُنزل لأجله القرآن (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) .،( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ؟)،(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا * إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ )   إن أكثر المسلمين يجهلون أن للقرآن تأثيرا صالحا لما في حياتهم المعاشية والمدنية والسياسية وهي أكبر همومهم ولا مرشد لهم فيها، ويجهلون البرهان العقلي المقترن بالشعور الوجداني على أنه وحي الله لنبيه ورسوله، وان في اتباعه سعادتهم في دينهم ودنياهم، ولا يجدون أحدا من الذين يتولون تربيتهم وتعليمهم في بيوتهم ولا في مدارسهم يقنعهم به، ويربي فيهم ملكة الوازع النفسي لاتباعه، لا يعرفون كتابًا من كتب عقائدهم أو تفاسيره يهديهم إلى هذا، والمجهول المطلق لا تتوجه إليه النفس، فلا عجب إذا هجروا القرآن وأعرضوا عن تدبره"

تعليقات

المشاركات الشائعة