رد على من يجعل فضائل الكفار الحالية دليلا على إيمانهم وإسلامهم!.

رد على من يجعل فضائل الكفار الحالية دليلا على إيمانهم وإسلامهم!.
وأما النظر إلى الفضائل فهو كلام هادم للعقيدة الإسلامية من جذورها لأنه يلزم منه عدم تكفير الشيطان الرجيم! حيث إنه يترتب على وجود الشيطان فضائل كثيرة على الإنسانية، إذ لولاه لما أذنب المذنبون الذين يتوبون بعد ذلك ،وهذه التوبة التي تسبب فيها الشيطان يحبها الله وهي مفيدة للنفس البشرية إذ بها تتفقه في نفسها وفي طبيعة الأشياء فتترقى في مدارج الفكر والإيمان! بل وعبادة الله التي خلق الله الخلق لأجلها لا تتحقق من الناس إلا بوجود الشيطان!، وإلا لصارت عبادة الناس كعبادة الملائكة ليست قائمة على الإختيار، والدين مبناه على الإختيار لا الاضطرار. فما أعظم الفضل الذي يترتب على وجود الشيطان الرجيم! فلو جاز عدم تكفير الكفار لفضائلهم على الإنسانية (*) لجاز عدم تكفير الشيطان الرجيم للفضائل الجمة التي يتسبب فيها على الإنسانية.
ومن المناسب في هذا المقام أن أذكر المعتقد الإسلامي وارشاداته التي نعرف بها إيمان فلان من الناس وأنه صار مؤمنا مثلنا .
نقول لا سبيل لنا للعلم القطعي بذلك، إذ لا يطلع على القلوب وأحوالها وسرائرها إلا الله ثم المنافق أو الكافر إذا كان يُسر بكفره ونفاقه ولا يُعلنه، ولكننا نعلم علمًا غير يقيني؛ بأمارة جعلها الله من شروط الدخول في الإسلام  - عندنا لا عنده– من حيث استحقاقه الأحكام والواجبات والحقوق المترتبة فيما بين المسلمين وبعضهم  - على ما يشرحه ويفصله الدكتور العلامة / "محمد دراز" – رحمه الله -وقد شرحه بالتفصيل المسهب بأصوله وفروعه في كتاب " المختار من كنوز السنة النبوية شرح أربعين حديثًا في أصول الدين " ذكر فيه مذاهب الإسلاميين أهل البدعة من المرجئة والكرامية والمعتزلة في ما يدخلُ به المكلَّفُ في الدين ، ثم قال بعد أن أثبت ضلالها:" وهذا الرأي الوسط، تجدونه عند الأمة الوسط، وهم أهل السنة والجماعة فدونكم رسمًا يوضح لكم هذا الصراط المستقيم.
(5): قال أهل السنة والجماعة – وهم جمهورُ الأمة وجميعُ الصحابة وكافةُ الأئمة -: المطلوب من المُكلَّف أمرٌ مركب من قول واعتقاد وعمل....... وبعد أن تكلّم الدكتور عن الجزء الأول المطلوب لدخول المُكلف في الإسلام، وهو الجزء الذي يصير به مسلمًا لا كافرًا عند الله في الآخرة لا عندنا – ولا يتحقق عندنا إلا بالجزء الثاني، قال:
 ( الجزء الثاني): إعلانُ هذه العقيدة بالقول أو غيره من الدَّوالِّ الظاهرة كالصلاة ونحوها مما يؤدي معنى الاعتراف بالدين الصحيح. وهذا الجزء لا يدخُلُ عند الله في حساب أصل الإيمان، لأن الله تعالى يتولى السرائرَ، وإنما هو فريضةُ عملية كسائر الفرائض الفرعية الداخلية في الجزء الثالث، شرَّعَه اللهُ ليكون وسيلةً لحفظ النظام الدنيوي، فيه يتعارف المؤمنون ويتناصرون ويتصاهرون ويتبادلون التكريمَ في الحياة والممات، وليكون حمايةً لصاحبه وعصمةً لدمه ولماله إلا لسبب آخر يُقرَّره الدينُ في عقوباته وأحكامه التأديبية. فتاركُ هذا الجزء هو عند الله كتارك كل فرض من فروع الدين، أعني أنه آثمٌ إن تركه مستطيعًا بلا عذر وإلا فلا، قال الله تعالى{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}(سورة غافر:40): فمدحه بالإيمان مع هذا الكتمان، وقال:{ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا }(سورة النحل:106) . نعم، هذا الجزء يُعدَّ عندنا من أصول الدين، لأننا لا نحكم إلا بالظاهر، ولا اطِّلاع لنا على ما في قلوب الناس إلا عن طريق هذا الاعتراف الظاهري الذي يُعدَّ ترجمة عن العقيدة يدلُّ دلالةً ظنية على حصولها". ص 87 انتهى النقل.
.  تنبيه: والمعتقد الإسلامي الذي بينه علماؤنا استنباطًا من الأدلة الصريحة  أننا لا نقطع للكافر" المُعين المعروف بشخصه واسمه " بالنار إلا من وردت في شأنهم نصوص القرآن أو السنة بدخولهم النار كأبي لهب، لما سبق من كلام الدكتور دراز من أن المُكلّف قد يكون مسلمًا وأتى بما يصير به المكلف مسلمًا من عقائد الإيمان عند الله أما عندنا فلا يكون كذلك إلا بالدَّوالّ الظاهرة كما سبق ، وإنما نقطع للكفار " بمجموعهم" بأنهم مخلّدون في النار كما هو إجماع المسلمين بالنصوص قطعية الدلالة والثبوت، وفي ذلك يقول الإمام" النووي" في شرحه لأحاديث نبينا –صلى الله عليه وسلم – التي أوردها الإمام "مسلم" في صحيحه:" وأما حُكمُه – صلى الله عليه وسلم – على من مات يشرك بدخول النار ومن مات غير مشرك بدخوله الجنة فقد أجمع عليه المسلمون. فأما دخول المشرك النار فهو على عمومه فيدخلها ويخلد فيها ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة" انظر شرح الإمام النووي على صحيح الإمام مسلم ج:2 ص:275. وكذلك لا نقطع لمسلم" بعينه المعروف بشخصه" بأنه في الجنة إلا لمن وردت فيهم نصوص القرآن أو السنة مخبرةً عن دخولهم الجنة كالصحابة العشرة المبشرين بالجنة، لما سبق في كلام الدكتور دراز من أن الدَّوالَّ الظاهرة على الإيمان هي ظنيّة في علمنا نحن لا يقينية إذ لا علم لنا بأحوال قلوب الناس بتقلباتها المختلفة في سائر مراحل الحياة.
-------------------------
(*) وإطلاق لفظ الفضائل يُطلَق من باب التوسُّع لا الحقيقة، لأن البحث الجاد العلمي
المتوافق مع حقائق الكون والشرع يُثبت أن لا فضائل حقيقية لهم، ويُثبت أنهم بفضائلهم – المتوهمة هذه – عقبة كبيرة في طريق إرساء ونشر الفضائل الحقيقية وتوزيعها بالعدل على البشر في الدنيا، فضلاً عن الفضائل والمحاسن في الدار الآخرة الأبدية، ولكن إطلاق الفضائل عليها هو من باب التنَزُّل مع المخالف ليتم الرد عليه بناءً على ما يعتقد، من طريق قصير، بغض النظر عن صحة إعتقاده – غير الداخل في محل الخلاف الدائر فيه الجدل - في ذاته أولا .

تعليقات

المشاركات الشائعة